يهدف النشاط الاقتصادي إلى زيادة الدخل الوطني والفردي والقدرة الشرائية للمواطن ولا يتسنى له ذلك إلا بضمان معدلات نمو مطردة تضمن تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متعددة الأبعاد. ويرتكز هذا النشاط على مجموعة من العناصر ذات التأثير الكبير في التنمية المستدامة ورفاهية المجتمع من خلال ترقية أداء رأسمال، الأداء البشري والمالي، الإبداع التكنولوجي والاستغلال الأمثل للثروات. ولكن لا يمكن الربط بين هذه العناصر إلا من خلال قطاع النقل الذي لا غنى عنه في النشاط الاقتصادي، فلا يمكن الوصول إلى الموارد الطبيعية وتصريف المنتجات والولوج إلى الأسواق الدولية والمحلية وانتقال السلع والخدمات إلا بواسطة ترقية أداء هذا القطاع.

تشكل الدول النامية 4/5 من مساحة اليابسة في العالم وتتمتع بمناطق إستراتجية تجاريا واقتصاديا كما أن هذه الدول تتمتع بإمكانيات وموارد بشرية واقتصادية في مختلف المجالات، من الزراعة، الطاقة، التعدين والسياحة. حتى تتمكن من استغلال واستثمار هذه الإمكانيات وجب عليها تعزيز الاستثمارات القاعدية وجلب التكنولوجيا ورأس المال البشري والمالي بغية الرفع من قدراتها التنافسية والاندماج في الأسواق العالمية. ولا يمكن تحقيق هذه المتطلبات إلا بعصرنة قطاع النقل وفق نظام متعدد الأهداف والأبعاد والوسائط. فلقد نجحت الدول المتقدمة في جعل هذا القطاع يدر موارد مالية مستدامة وذات معدلات نمو مطردة مما أدى إلى إنشاء موارد مالية غير تقليدية بالنسبة للخزينة العمومية، كما ساهم هذا القطاع في تدئنة التكاليف ورفع مستوى الاندماج في العولمة الإنتاجية والتجارية حيت أصبحت الشركات متعددة الجنسيات مترامية الأطراف، مما ساعد  في جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وترقية أداء باقي القطاعات الاقتصادية وتحقيق التكامل الاقتصادي. وعليه لا يتسنى للدول النامية الوصول إلى أهدافها  إلا بتوفير البنية التحتية المناسبة لعصرنة قطاع النقل وتوفير الأطر القانونية والتنظيمية الملائمة والمتسقة مع التطورات الاقتصادية الدولية التي تسمح للدول النامية من جعل قطاع النقل القاطرة الأساسية التي تقود التنمية الاقتصادية المستدامة،  وهذا ما يقودنا إلى طرح الإشكالية التالية:

فيما تتجلى التحديات التي تواجهها الدول النامية في عصرنة قطاع النقل بما يجعله القاطرة  الأساسية التنمية الاقتصادية المستدامة؟